فصل: قَسْمُ خُمْسِ الرِّكَازِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.مَا لَا يُقَسِّمُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ زَكَاةَ مَالِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ زَكَاةَ مَالِي مَنْ لَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُعْطِيَهَا إيَّاهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تُعْطِهَا أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِكَ مِمَّنْ تَلْزَمُكَ نَفَقَتُهُ.
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَمَنْ لَا تَلْزَمُنِي نَفَقَتُهُ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِي وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا؟
فَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَلِيَ ذَلِكَ هُوَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ، وَمَا يُعْجِبُنِي لِأَحَدٍ أَنْ يَلِيَ قَسْمَ صَدَقَتِهِ لِأَنَّ الْمَحْمَدَةَ تَدْخُلُ فِيهِ وَالثَّنَاءُ، وَعَمَلُ السِّرِّ أَفْضَلُ وَاَلَّذِي أَرَى: أَنْ يَنْظُرَ إلَى رَجُلٍ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فَيَدْفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَيُقَسِّمَهُ لَهُ، فَإِنْ رَأَى ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي مِنْ قَرَابَتِهِ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ هُوَ أَهْلٌ لَهَا أَعْطَاهُ كَمَا يُعْطِي غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَكُونُ الرَّجُلُ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ لِيُفَرَّقَ هُوَ النَّاظِرُ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ.
قُلْتُ: فَمَنْ تَلْزَمُنِي نَفَقَتُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: الْوَلَدُ وَلَدُ الصُّلْبِ دُنْيَةً تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ الذُّكُورُ حَتَّى يَحْتَلِمُوا فَإِذَا احْتَلَمُوا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ، وَالنِّسَاءُ حَتَّى يَتَزَوَّجْنَ وَيَدْخُلُ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ فَإِذَا دَخَلَ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ فَلَا نَفَقَةَ لَهُنَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى أَبِيهَا؟
قُلْت: فَإِنْ هُوَ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا؟
فَقَالَ: هِيَ عَلَى نَفَقَتِهَا.
أَلَا تَرَى أَنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَبِ حَتَّى يُدْخَلَ بِهَا، لِأَنَّ نِكَاحَهَا فِي يَدِ الْأَبِ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا.
قُلْتُ: فَوَلَدُ الْوَلَدِ؟
فَقَالَ: لَا نَفَقَةَ لَهُمْ عَلَى جَدِّهِمْ، وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُمْ النَّفَقَةُ عَلَى جَدِّهِمْ وَلَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْأَبَ وَحْدَهُ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَالِدِهَا مَالٌ وَهِيَ مُوسِرَةٌ لَمْ تَلْزَمْ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهَا وَيَلْزَمُهَا النَّفَقَةُ عَلَى أَبَوَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ زَوْجُهَا كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قَالَ وَالزَّوْجُ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ وَخَادِمٍ وَاحِدَةٍ لِامْرَأَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ نَفَقَةِ خَدَمِهَا أَكْثَرُ مِنْ نَفَقَةِ خَادِمٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَخٍ وَلَا ذَوِي قَرَابَةٍ وَلَا ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ.
قُلْتُ: فَاَلَّذِينَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ، هُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْتُ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَمَنْ وَرَاءَ هَؤُلَاءِ مِنْ قَرَابَتِهِ فَهُمْ فِي زَكَاتِهِ وَالْأَجْنَبِيُّون سَوَاءٌ؟
قَالَ: نَعَمْ عَلَى مَا فَسَّرْتُ لَكَ، إذَا رَأَى الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ زَكَاتَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ أَعْطَاهُمْ.
قُلْتُ: أَتُعْطِي الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مِنْ زَكَاتِهَا؟
فَقَالَ: لَا.
قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا وَهَذَا أَبْيَنُ مِنْ أَنْ أَسْأَلَ مَالِكًا عَنْهُ.
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْطَى أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا.
قَالَ سَحْنُونٌ، وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} فَإِنَّ ذَلِكَ فِي الضَّرَرِ عَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ أَنْ لَا يُضَارَّ، وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ شِهَابٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ.
قَالَ أَشْهَبُ: وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ أَنَّ إعْطَاءَ الْمَرْءِ قَرَابَتَهُ مِنْ زَكَاتِهِ بِوَجْهِ الصِّحَّةِ عَلَى وَجْهِ مَا يُعْطِي غَيْرَهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ مُجْزِئٌ عَنْهُ.
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَطَاوُسٌ يَكْرَهَانِ ذَلِكَ، وَكَانَ مَالِكٌ أَكْثَرُ شَأْنِهِ فِيهِ الْكَرَاهِيَةُ.

.فِي الْعِتْقِ مِنْ الزَّكَاةِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ رَقَبَةً فَأَعْتَقَهَا كَمَا يُعْتِقُ الْوَالِي، إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَيُجْزِئُهُ مِنْ زَكَاتِهِ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.
قُلْتُ: وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: يَشْتَرِي الْوَالِي مِنْ الزَّكَاةِ رِقَابًا فَيُعْتِقُهُمْ، فَقَالَ: نَعَمْ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ: وَحَضَرْتُ مَالِكًا يُشِيرُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ يُقَسِّمُ الصَّدَقَةَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَيَجُوزُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَعْمَلَ فِي زَكَاةِ نَفْسِهِ كَمَا يَجُوزُ لِلْوَالِي أَنْ يَعْمَلَ فِي زَكَاةِ الْمُسْلِمِينَ.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَأَعْتَقَهُ مِنْ نَفْسِهِ؟
فَقَالَ: لَا يُجْزِئُهُ وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ ثَانِيَةً.
قال سَحْنُونٌ: لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهُ فَكَأَنَّهَا زَكَاةٌ لَمْ يُخْرِجْهَا، وَإِنَّمَا إخْرَاجُهَا أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُهَا لَهُمْ.

.إعْطَاءُ الْمُكَاتَبِ وَابْنِ السَّبِيلِ مِنْ الزَّكَاةِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُعَانَ بِهَا الْمُكَاتَبُونَ.
قَالَ: وَمَا عَلِمْتُ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَحَدٌ أَقْتَدِي بِهِ فِي دِينِي يَفْعَلُهُ أَوْ قَالَ يَرَاهُ، وَلَا بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ فَعَلُوا ذَلِكَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ ابْنُ السَّبِيلِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فِي بَلَدِهِ إذَا احْتَاجَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُعْطَى مِنْهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا.
قُلْتُ: فَالْحَاجُّ الْمُنْقَطِعُ بِهِ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ ابْنُ السَّبِيلِ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ.
قُلْتُ: وَالْحَاجُّ عِنْدَ مَالِكٍ ابْنُ السَّبِيلِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فِي بَلَدِهِ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، وَقَدْ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ، لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ لِغَارِمٍ، أَوْ لِرَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ، أَوْ لِرَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ فَتَصَدَّقَ عَلَى الْمِسْكِينِ فَأَهْدَى الْمِسْكِينُ إلَى الْغَنِيِّ».

.تَكْفِينُ الْمَيِّتِ وَإِعْطَاءُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْعَبْدِ مِنْ الزَّكَاةِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ زَكَاتِهِ فِي كَفَنِ مَيِّتٍ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا هِيَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَمَنْ سَمَّى اللَّهُ، فَلَيْسَتْ لِلْأَمْوَاتِ وَلَا لِبُنْيَانِ الْمَسَاجِدِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَجُوسِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ وَلَا يَهُودِيٌّ وَلَا عَبْدٌ، وَكَمَا لَا يُعْتَقُ فِي الْكَفَّارَاتِ غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ فَكَذَلِكَ لَا يُطْعَمُ مِنْهَا غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ قَالَ: لَا يُعْتَقُ فِي الْكَفَّارَاتِ إلَّا مُؤْمِنَةٌ (رَبِيعَةُ)، وَ: (عَطَاءٌ) مُؤْمِنَةٌ صَحِيحَةٌ.
وَقَالَ نَافِعٌ وَرَبِيعَةُ: لَا يُطْعَمُ مِنْ الزَّكَاةِ نَصْرَانِيٌّ وَلَا يَهُودِيٌّ وَلَا عَبْدٌ، إلَّا أَنَّ نَافِعًا لَمْ يَذْكُرْ الْيَهُودِيَّ وَلَا الْعَبْدَ.

.الرَّجُلُ يُعْطِي مَكَانَ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ عَرْضًا:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَتْ عِنْدَهُ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَأَعْطَى مَكَانَ زَكَاتِهَا حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ قِيمَتُهُ رُبْعُ عُشْرِ هَذِهِ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْطِي عُرُوضًا وَلَكِنْ يُعْطِي وَرِقًا وَقِيمَةَ ذَلِكَ ذَهَبًا.
قَالَ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَدْ كَرِهَ غَيْرُ وَاحِدٍ اشْتِرَاءَ صَدَقَةِ مَالِهِ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ يَحْيَى: مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكْرَهُ اشْتِرَاءَ صَدَقَتِهِ.

.(الرجل يكون له الدين على الرجل فيتصدق به):

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَكُونُ لِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَجِبُ عَلَيَّ الزَّكَاةُ، فَأَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الدَّيْنِ وَهُوَ مِنْ الْفُقَرَاءِ أَنْوِي بِهِ أَنَّهُ مِنْ زَكَاةِ مَالِي؟
فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِيمَا بَلَغَنِي لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَقَالَ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ تَاوٍ إذَا كَانَ عَلَى فَقِيرٍ فَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يُعْطِيَ تَاوِيًا وَهُوَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، وَلَوْ جَازَ هَذَا لَجَازَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ فِي زَكَاةِ مَالِهِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مَا عَلَى الْفَقِيرِ لَا قِيمَةَ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ فَقِيمَتُهُ دُونُ.

.قَسْمُ خُمْسِ الرِّكَازِ:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ رِكَازًا وَلَهُ أَقَارِبُ فُقَرَاءُ، مِنْهُمْ مَنْ يُضَمِّنُهُ الْحَاكِمُ نَفَقَتَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُضَمِّنُهُ الْحَاكِمُ نَفَقَتَهُ، أَيَجْعَلُ خُمْسَ هَذَا الرِّكَازِ فِيهِمْ أَمْ لَا؟
فَقَالَ: لَا يَخُصُّهُمْ بِذَلِكَ وَلَكِنْ يُعْطِيهِمْ كَمَا يُعْطِي غَيْرَهُمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ فُقَرَاءِ مَوْضِعِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ زَكَاتَهُ أَقَارِبَهُ الَّذِينَ لَا يَضْمَنُ نَفَقَتَهُمْ لِمَكَانِ مَحْمَدَتِهِمْ إيَّاهُ، وَقَضَاءِ مَذَمَّةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ وَدَفْعِ صِلَاتٍ كَانُوا يَرْتَجُونَهَا مِنْهُ، فَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسًا.
قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ يَقُولُ لَنَا مَالِكٌ: إنَّمَا أَخَافُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَحْمَدُونَهُ عَلَيْهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَهَذَا الْخُمْسُ إنْ كَانَ لَا يَدْفَعُ بِهِ شَيْئًا مِمَّا وَصَفْتُهُ لَكَ مِنْ مَذَمَّةٍ وَلَا يَتَّخِذُ بِهِ مَحْمَدَةً إلَّا عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ لَهُمْ كَاجْتِهَادِهِ فِي غَيْرِهِمْ، فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.
قَالَ: فَأَمَّا وَلَدٌ أَوْ وَالِدٌ فَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ تَلْزَمُهُ فَهُوَ إذَا أَعْطَاهُمْ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِعَطِيَّتِهِمْ نَفَقَتَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَغَيْرُهُمْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْهُمْ.
وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ: إذَا أَعْطَاهُمْ كَمَا يُعْطِي غَيْرَهُمْ مِنْ الْأَبَاعِدِ عَلَى غَيْرِ إيثَارٍ جَازَ، لِأَنَّ الْخُمْسَ فَيْءٌ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ الزَّكَاةِ الَّتِي لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ، وَالْفَيْءُ يَحِلُّ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ إلَّا أَنَّ الْفَقِيرَ يُؤْثَرُ عَلَى الْغَنِيّ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ هَذَا الْخُمْسَ لِمَ لَا يُعْطِيهِ وَلَدَهُ وَلَا وَالِدَهُ الَّذِينَ يَضْمَنُ نَفَقَتَهُمْ فَيُغْنِيهِمْ بِذَلِكَ وَيَدْفَعُ عَنْهُمْ نَفَقَتَهُمْ، وَهَذَا الْخُمْسُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَكَ فَيْءٌ وَهَؤُلَاءِ فُقَرَاءُ؟
فَقَالَ: يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَرُ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَضْمَنُ هُوَ نَفَقَتَهُمْ فَهُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَالِدَيْنِ لَوْ كَانَا فَقِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا لَهُ مِنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ لَيْسَ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، بَدَأَ بِهَذَا الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ هَذَا الرَّجُلُ.
وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ، عَنْ رَجُلٍ مُحْتَاجٍ لَهُ أَبٌ مُوسِرٌ أَتَرَى أَنْ يُعْطَى مِنْ الْقَسْمِ شَيْئًا؟
قَالَ: إنْ كَانَ لَا يَنَالُهُ مَعْرُوفُ أَبِيهِ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ يَنَالُهُ مَعْرُوفُ وَالِدِهِ فَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ مِمَّنْ لَا يَنَالُهُ مَعْرُوفُ أَحَدٍ أَوْلَى بِذَلِكَ.
قُلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا الْقَسْمُ؟
قَالَ: هُوَ الزَّكَاةُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْفَيْءِ أَيُسَاوِي بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ أَمْ يُفَضِّلُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُفَضِّلُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَيَبْدَأُ بِأَهْلِ الْحَاجَةِ حَتَّى يَغْنَمُوا مِنْهُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ جِزْيَةَ جَمَاجِمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَخَرَاجَ الْأَرَضِينَ مَا كَانَ مِنْهَا عَنْوَةً وَمَا صَالَحَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، مَا يَصْنَعُ بِهَذَا الْخَرَاجِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هَذَا جِزْيَةٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْجِزْيَةُ عِنْدَ مَالِكٍ فِيمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِه: فَيْءٌ كُلُّهُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَمَنْ يُعْطَى هَذَا الْفَيْءَ وَفِيمَنْ يُوضَعُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ افْتَتَحُوهَا عَنْوَةً أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا هُمْ أَحَقُّ بِهِ يُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ، يُبْدَأُ بِفُقَرَائِهِمْ حَتَّى يُغْنَوْا وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ، إلَّا أَنْ يَنْزِلَ بِقَوْمٍ حَاجَةٌ فَيُنْقَلُ إلَيْهِمْ بَعْدَمَا يُعْطَى أَهْلُهَا، يُرِيدُ مَا يُغْنِيهِمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا يُخْرَجُ فِي قَوْمٍ عَنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ، وَرَأَيْتُ مَالِكًا يَأْخُذُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي كَتَبَ بِهِ عُمَرُ إلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَصَاحِبَيْهِ إذْ وَلَّاهُمْ الْعِرَاقَ حِينَ قَسَّمَ لِأَحَدِهِمْ نِصْفَ شَاةٍ وَلِلْآخَرَيْنِ رُبْعًا رُبْعًا، فَكَانَ فِي كِتَابِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إلَيْهِمْ: إنَّمَا مَثَلَيْ وَمَثَلَكُمْ فِي هَذَا الْمَالِ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي وَالِي الْيَتِيمِ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}.
قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ يُوصِي بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قَالَ: يَبْدَأُ بِأَهْلِ الْحَاجَةِ الَّذِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
قَالَ: وَكَلَّمْتُهُ فِي غَيْرِ شَيْءٍ فَرَأَيْتُ قَوْلَهُ: إنَّهُ يُبْدَأُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِالْفُقَرَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: يَبْدَأُ بِالْفُقَرَاءِ فِي هَذَا الْفَيْءِ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ بَيْنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ بِالسَّوِيَّةِ، إلَّا أَنْ يَرَى الْوَالِي أَنْ يَحْسَبُهُ لِنَوَائِبَ تَنْزِلُ بِهِ مِنْ نَوَائِبِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ رَأَيْتُ ذَلِكَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ عَرَبِيُّهُمْ وَمَوْلَاهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاس فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي عَمِلْتُ عَمَلًا وَإِنَّ صَاحِبِي عَمِلَ عَمَلًا، وَلَئِنْ بَقِيتُ إلَى قَابِلٍ لَأُلْحِقَنَّ أَسْفَلَ النَّاسِ أَعْلَاهُمْ.
قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ أُعْطِيَهُ أَوْ مُنِعَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ رَاعِيًا أَوْ رَاعِيَةً بِعَدَنَ.
قَالَ: وَرَأَيْتُ مَالِكًا يُعْجِبُهُ هَذَا الْحَدِيثَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: قَدْ يُعْطِي الْوَالِي الرَّجُلَ الْمَالَ يُجِيزُهُ لِأَمْرٍ يَرَاهُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الدَّيْنِ أَيْ وَجْهِ الدَّيْنِ مِنْ الْوَالِي يُجِيزُهُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِجَائِزَةٍ أَوْ لِأَمْرٍ يَرَاهُ قَدْ اسْتَحَقَّ الْجَائِزَةَ، فَلَا بَأْسَ عَلَى الْوَالِي بِجَائِزَةِ مِثْلِ هَذَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَهَا هَذَا الرَّجُلُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيُعْطَى الْمَنْفُوسُ مِنْ هَذَا الْمَالِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ لَيْلَةً فَسَمِعَ صَبِيًّا يَبْكِي فَقَالَ لِأَهْلِهِ: مَا لَكُمْ لَا تُرْضِعُونَهُ؟
قَالَ: فَقَالَ أَهْلُهُ: إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَا يَفْرِضُ لِلْمَنْفُوسِ حَتَّى يُفْطَمَ وَإِنَّا فَطَمْنَاهُ، قَالَ فَوَلَّى عُمَرُ وَهُوَ يَقُولُ: كِدْتُ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَنْ أَقْتُلَهُ فَفَرَضَ لِلْمَنْفُوسِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِائَةَ دِرْهَمٍ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ كَانَ الْمَنْفُوسُ وَالِدُهُ غَنِيًّا أَيُبْدَأُ بِكُلِّ مَنْفُوسٍ وَالِدُهُ فَقِيرٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ لَهُ: أَفَكَانَ يُعْطِي النِّسَاءَ مِنْ هَذَا الْمَالِ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مَالِكٍ؟
قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُقَسِّمُ لِلنِّسَاءِ حَتَّى إنْ كَانَ لَيُعْطِيهِنَّ الْمِسْكَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَيُبْدَأُ بِالْفَقِيرَةِ مِنْهُنَّ قَبْلَ الْغَنِيَّةِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَ مَالِكٍ يُسَوَّى بَيْنَ النَّاسِ فِي هَذَا الْفَيْءِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ فِيهِ سَوَاءٌ.
قَالَ تَفْسِيرُهُ: أَنَّهُ يُعْطِي كُلَّ إنْسَانٍ قَدْرَ مَا يُغْنِيهِ، الصَّغِيرَ قَدْرَ مَا يُغْنِيهِ وَالْكَبِيرَ قَدْرَ مَا يُغْنِيهِ وَالْمَرْأَةَ قَدْرَ مَا يُغْنِيهَا، هَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ عِنْدِي يُسَوَّى بَيْنَ النَّاسِ فِي هَذَا الْمَالِ.
قُلْتُ لَهُ: فَإِنْ فَضَلَ الْآنَ بَعْدَمَا اسْتَغْنَى أَهْلُ الْإِسْلَامِ مِنْ هَذَا الْمَالِ فَضْلٌ؟
قَالَ: ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ إنْ رَأَى أَنْ يَحْبِسَ مَا بَقِيَ لِنَوَائِبِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ حَبَسَهُ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يُفَرِّقَهُ عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ فَرَّقَهُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَهَذَا الْفَيْءُ حَلَالٌ لِلْأَغْنِيَاءِ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَلَقَدْ حَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ أُتِيَ بِمَالٍ عَظِيمٍ مِنْ بَعْضِ النَّوَاحِي فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ فَصُبَّ فِي الْمَسْجِدِ فَبَاتَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَحْرُسُونَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ كُشِفَ عَنْهُ أَنْطَاعٌ أَوْ مُسُوحٍ كَانَتْ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَصَابَتْهَا الشَّمْسُ ائْتَلَقَتْ وَكَانَ فِيهَا تِيجَانٌ، قَالَ فَبَكَى عُمَرُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: لَيْسَ هَذَا حِينَ بُكَاءٍ إنَّمَا هَذَا حِينُ شُكْرٍ، فَقَالَ: إنِّي أَقُولُ إنَّهُ مَا فُتِحَ هَذَا عَلَى قَوْمٍ قَطُّ إلَّا سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، ثُمَّ قَالَ لِابْنِ الْأَرْقَمِ: أَرِحْنِي مِنْهُ أَيْ اقْسِمْهُ فَقَسَّمَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِابْنِ الْأَرْقَمِ: اُكْتُبْ لِي النَّاسَ.
قَالَ: قَدْ كَتَبْتُهُمْ ثُمَّ جَاءَهُ بِالْكِتَابِ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ: هَلْ كَتَبْتَ النَّاسَ؟
فَقَالَ: نَعَمْ قَدْ كَتَبْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرِينَ مِنْ الْعَرَبِ وَالْمُحَرَّرِينَ يَعْنِي الْمُعْتَقِينَ.
قَالَ: ارْجِعْ فَاكْتُبْ فَلَعَلَّكَ قَدْ تَرَكْتَ رَجُلًا لَمْ تَعْرِفْهُ، أَرَاهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ أَحَدًا فَهَذَا مَا يَدُلُّكَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يُقَسِّمُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا وَهُوَ يَذْكُرُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ بِمِصْرَ فِي زَمَانِ الرَّمَادَةِ.
قَالَ فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: وَمَا زَمَانُ الرَّمَادَةِ أَكَانَتْ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ؟
قَالَ: بَلْ سَنَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِم: بَلَغَنِي أَنَّهَا كَانَتْ سِتَّ سِنِينَ.
قَالَ: فَكَتَبَ إلَيْهِ وَاغَوْثَاهُ وَاغَوْثَاهُ وَاغَوْثَاهُ، قَالَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ.
قَالَ: فَكَانَ يَبْعَثُ إلَيْهِ بِالْعِيرِ عَلَيْهَا الدَّقِيقُ فِي الْعَبَاءِ، فَكَانَ يُقَسِّمُهَا عُمَرُ فَيَدْفَعُ الْجَمَلَ كَمَا هُوَ إلَى أَهْلِ الْبَيْتِ فَيَقُولُ لَهُمْ: كُلُوا دَقِيقَهُ وَالْتَحِفُوا الْعَبَاءَ وَانْتَحَرُوا الْبَعِيرَ فَائْتَدِمُوا بِشَحْمِهِ وَكُلُوا لَحْمَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَهُوَ يَذْكُرُ، أَنَّ رَجُلًا رَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ وَأَنَّ النَّاسَ قَدْ حُشِرُوا، قَالَ فَكَأَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَدْ فَرَعَ النَّاسَ بِبَسْطِهِ، قَالَ فَقُلْتُ فِي مَنَامِي.
بِمَ فَضَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ؟
قَالَ: فَقِيلَ لِي: بِالْخِلَافَةِ وَبِالشَّهَادَةِ وَبِأَنَّهُ لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ.
قَالَ: فَأَتَى الرَّجُلُ حِينَ أَصْبَحَ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ قَاعِدَانِ جَمِيعًا فَقَصَّ عَلَيْهِمَا الرُّؤْيَا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا انْتَهَرَهُ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: قُمْ أَحْلَامُ نَائِمٍ فَقَامَ الرَّجُلُ.
فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَوُلِّيَ عُمَرُ أَرْسَلَ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَعِدْ عَلَيَّ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتَهَا.
قَالَ: أَوْ مَا كُنْتَ رَدَدْتَهَا عَلَيَّ قَالَ: فَقَالَ لَهُ: أَوْ مَا كُنْتَ تَسْتَحْيِيَ أَنْ تَذْكُرَ فَضْلِي فِي مَجْلِسِ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ قَاعِدٌ؟
قَالَ: فَقَصَّهَا الرَّجُلُ عَلَيْهِ فَقَالَ بِالْخِلَافَةِ، قَالَ عُمَرُ: هَذِهِ أُولَتُهُنَّ يُرِيدُ قَدْ نِلْتُهَا، ثُمَّ قَالَ: وَبِالشَّهَادَةِ فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَّى ذَلِكَ لِي وَالْعَرَبُ حَوْلِي، ثُمَّ قَالَ بَلَى وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ لَقَادِرٌ.
قَالَ: وَبِأَنَّهُ لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاَللَّهِ مَا أُبَالِي إذَا قَعَدَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيَّ عَلَى مَنْ دَارَ الْحَقُّ فَأُدِيرُهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُول: اخْتَصَمَ قَوْمٌ فِي أَرْضٍ قُرْبَ الْمَدِينَةِ فَرَفَعُوا ذَلِكَ إلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
قَالَ: فَرَكِبَ مَعَهُمْ عُثْمَانُ لِيَنْظُرَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، قَالَ فَلَمَّا رَكِبَ وَسَارَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَرْكَبُ فِي أَمْرٍ قَدْ قَضَى فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ فَرَدَّ عُثْمَانُ دَابَّتَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: مَا كُنْتُ لِأَنْظُرَ فِي أَمْرٍ قَدْ قَضَى فِيهِ عُمَرُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ يُجْبِرُ الْإِمَامُ أَحَدًا عَلَى أَخْذِ هَذَا الْمَالِ إذَا أَبَى أَخْذَهُ؟
قَالَ: لَا.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَذْكُرُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَدْعُو حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ يُعْطِيهِ عَطَاءَهُ، قَالَ فَيَأْبَى ذَلِكَ حَكِيمٌ وَيَقُولُ: قَدْ تَرَكْتُهُ عَلَى عَهْدِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ عُمَرُ: إنِّي أُشْهِدُكُمْ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَلَمْ يُجْبِرْ عُمَرُ هَذَا عَلَى أَخْذِ هَذَا الْمَالِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا: إنَّمَا تَرَكَهُ حَكِيمٌ لِحَدِيثٍ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ: «إنَّ خَيْرًا لِأَحَدِكُمْ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا قَالُوا: وَلَا مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَلَا مِنِّي».

.كِتَابُ الزَّكَاةِ الثَّانِي:

.مَا جَاءَ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي السَّاعِي إذَا أَتَى الرَّجُلَ فَأَصَابَ لَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ وَلَمْ يَجِدْ فِيهَا بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَا ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرَ: أَنَّ عَلَى رَبِّ الْإِبِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلسَّاعِي بِنْتَ مَخَاضٍ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الْإِبِلِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِنْهَا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، فَلَيْسَ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ إذَا طَابَتْ بِذَلِكَ نَفْسُ صَاحِبِ الْإِبِلِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَلَا ابْنُ لَبُونٍ؟
قَالَ: ذَلِكَ إلَى السَّاعِي إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ أَخَذَهُ، وَإِلَّا أَلْزَمَهُ بِابْنَةٍ مَخَاضٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ فِي الْإِبِلِ: مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِائَتَا بَعِيرٍ فَيَكُونُ فِيهَا خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ أَوْ أَرْبَعُ حِقَاقٍ، فَقَالَ لِي مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ السِّنَانُ جَمِيعًا فِي الْإِبِلِ كَانَ الْمُصَدِّقُ مُخَيَّرًا فِي أَيِّ السِّنِينَ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ أَخَذَ إنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا سِنًّا وَاحِدًا لَمْ يَكُنْ لِلسَّاعِي غَيْرَهَا، وَلَمْ يُجْبِرْ رَبَّ الْمَالِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ السِّنَّ الْأُخْرَى.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْإِبِلِ السِّنَانُ جَمِيعًا فَالسَّاعِي مُخَيَّرٌ فِي أَيِّ ذَلِكَ شَاءَ كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِهِ عَلَى مَا أَحَبَّ رَبُّ الْمَالِ أَوْ كَرِهَ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ: وَالسَّاعِي مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ أَخَذَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ قُلْتُ: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَأْمُرُ بِأَنْ يُعَادَ فِي الْغَنَمِ بَعْدَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ إذَا أُخِذَ مِنْهَا حِقَّتَانِ فَزَادَتْ؟
فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يَقُولُ: يَرْجِعُ فِي الْغَنَمِ إذَا صَارَتْ الْفَرِيضَةُ فِي الْإِبِلِ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الْغَنَمِ، إلَّا أَنْ تَرْجِعَ الْإِبِلُ إلَى أَقَلَّ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِبِلِ فَيَرْجِعُ إلَى الْغَنَمِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَمَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ».
وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَدَأَ الْفَرْضَ مِنْ خَمْسٍ، وَقَالَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
قَالَ أَشْهَبُ وَقَالَ عُمَرُ: فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، فَإِنَّمَا قَالَ فَدُونَهَا الْغَنَمُ، ثُمَّ قَالَ: وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، حَتَّى انْتَهَى إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِي تَسْمِيَةِ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ.
قَالَ: فَمَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَلَمْ يَقُلْ: فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ كَمَا ابْتَدَأَ بِهِ الصَّدَقَةَ.
قَالَ سَحْنُونٌ، وَقَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ تَبْيِينَ الْفَرِيضَةِ وَسُنَّتِهَا.
قُلْتُ: أَلَيْسَ إنَّمَا يَأْخُذُ مَالِكٌ فِي صَدَقَةِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ بِمَا فِي كِتَابِ عُمَرَ الَّذِي زَعَمَ مَالِكٌ أَنَّهُ قَرَأَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَهُمْ: فِي عِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، إنَّمَا يَعْنِي بِالزِّيَادَةِ مَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِيهَا الْحِقَّتَانِ فِي الْإِبِلِ كَمَا هِيَ؟
فَقَالَ: لَا وَلَكِنْ تَسْقُطُ الْحِقَّتَانِ وَيُرْجَعُ إلَى أَصْلِ الْإِبِلِ، وَتَلْغِي الْفَرِيضَةُ الْأُولَى الْحِقَّتَانِ اللَّتَانِ وَجَبَتَا فِيهَا إذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَاحِدَةٌ فَصَاعِدًا، وَيَرْجِعُ إلَى الْأَصْلِ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةَ لَبُونٍ وَمِنْ كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةً.
قُلْتُ: فَإِنْ زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَاحِدَةٌ؟
فَقَالَ: الْمُصَدِّقُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ حِقَّتَيْنِ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ يُخَالِفُ مَالِكًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَقُولُ: إذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ إلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، وَفِي ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ: حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ، فَفِي ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ يَتَّفِقُ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ وَمَالِكٍ وَيَخْتَلِفَانِ فِيمَا بَيْنَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، لِأَنَّ مَالِكًا يَجْعَلُ الْمُصَدِّقَ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ حِقَّتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَابْنُ شِهَابٍ كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ الْمُصَدِّقُ مُخَيَّرًا وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ، لِأَنَّ فَرِيضَةَ الْحِقَّتَيْنِ قَدْ انْقَطَعَتْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأْيِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَأَرَى فِيهَا ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَانَتْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ فِي الْإِبِلِ أَوْ لَمْ تَكُنْ كَانَ فِيهَا السِّنَانُ جَمِيعًا أَوْ لَمْ تَكُنْ إلَّا إحْدَاهُمَا أَوْ لَمْ يَكُونَا فِيهَا جَمِيعًا فَذَلِكَ عِنْدِي سَوَاءٌ كُلُّهُ وَعَلَى رَبِّ الْإِبِلِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ عَلَى مَا أَحَبَّ، أَوْ كَرِهَ، وَلَيْسَ لِلسَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ إلَّا ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ الْحِقَّتَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ الْإِبِلُ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ: فِي الْخَمْسِينَ مِنْهَا حِقَّةٌ وَفِي الثَّمَانِينَ مِنْهَا بِنْتَا لَبُونٍ فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً فَبِنْتُ لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ: فِي الْأَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي الْمِائَةِ حِقَّتَانِ، فَإِذَا كَانَتْ خَمْسِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ: فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سِتِّينَ وَمِائَةً فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، فَإِذَا كَانَتْ سَبْعِينَ وَمِائَةً فَحِقَّةٌ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَإِذَا كَانَتْ ثَمَانِينَ وَمِائَةً فَحِقَّتَانِ وَابْنَتَا لَبُونٍ، فَإِذَا كَانَتْ تِسْعِينَ وَمِائَةً فَثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي الْأَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ كَانَ فِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ فِيهَا السِّنَانُ كَانَ الْمُصَدِّقُ الْآنَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْحِقَاقَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بَنَاتَ لَبُونٍ إذَا كَانَتْ فِي الْإِبِلِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا حِقَاقًا أَخَذَهَا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا بَنَاتَ لَبُونٍ أَخَذَهَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَاحِدًا مِنْ السِّنِينَ كَانَ السَّاعِي مُخَيَّرًا، أَيُّ ذَلِكَ شَاءَ كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِهِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَجِدْ الْمُصَدِّقُ فِي الْإِبِلِ السِّنَّ الَّتِي وَجَبَتْ فِيهَا، أَيَأْخُذُ دُونَهَا وَيَأْخُذُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ زِيَادَةَ دَارِهِمْ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ تَمَامَ السِّنِّ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ؟
فَقَالَ: لَا.
قُلْتُ: لَهُ: فَهَلْ يَأْخُذُ أَفْضَلَ مِنْهَا وَيَرُدُّ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ دَرَاهِمَ قَدْرَ مَا زَادَ عَلَى السِّنِّ الَّذِي وَجَبَ لَهُ؟
فَقَالَ: لَا.
قَالَ أَشْهَبُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُصَدِّقَ اشْتَرَى الَّتِي أَخَذَ بِاَلَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَبِالدَّرَاهِمِ الَّتِي زَادَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنْ السَّاعِي شَيْئًا مَنْ الصَّدَقَةِ: فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ وَإِنْ سَمَّى لَهُ سِنًّا مِنْ الْأَسْنَانِ، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا نَحْوُهَا وَهَيْئَتُهَا.
قَالَ: وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ السَّاعِي.
قَالَ أَشْهَبُ: وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الصَّدَقَةَ الَّتِي عَلَيْهِ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَصْلُحْ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ.
قَالَ أَشْهَبُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: إنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَكْتُبُ فِي عُهُودِ عُمَّالِهِ عَلَى السُّعَاةِ خِصَالًا كَانَتْ تُكْتَبُ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ قَبْلَهُ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَصْلَهَا كَانَ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَانَ مِنْهَا أَنْ يَنْهَاهُمْ أَنْ يَبِيعُوا مِنْ أَحَدٍ فَرِيضَةً أَوْ شَاةً تَحِلُّ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ.
قُلْتُ لَهُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُصَدِّقُ فِيهَا دَرَاهِمَ مِنْ رَبِّهَا أَوْ يَشْتَرِيَهَا رَبُّهَا مِنْ الْمُصَدِّقِ.
قَالَ أَشْهَبُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعَائِدُ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ».
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، «فَرِيضَةُ الْإِبِلِ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ إلَى تِسْعٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ عَشْرًا فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إلَى تِسْعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونِ ذَكَرٌ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ، فَمَا زَادَ إلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ، فَمَا زَادَ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَمَا زَادَ إلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ، فَمَا زَادَ إلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ».
قال سَحْنُونٌ: وَأَخْبَرَنِي عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: نُسْخَةُ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَتَبَ فِي الصَّدَقَةِ، وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَهِيَ الَّتِي نَسَخَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ سَالِمٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حِينَ أُمِّرَ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَأَمَرَ عُمَّالَهُ بِالْعَمَلِ بِهَا ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: نَهَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ فَرِيضَتَهُ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ صَدَقَتَهُ مِنْ الْغَنَمِ، وَقَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
قَالَ أَشْهَبُ قَالَ مَالِكٌ: وَقَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا تَشْتَرِهَا وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، وَلَكِنْ سَلِّمْهَا وَاقْتَرِفْ مِنْ غَنَمِ جَارِكَ وَابْنِ عَمِّكَ مِثْلَهَا مَكَانَهَا.
قَالَ أَشْهَبُ قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتْرُكَ الْمَرْءُ شِرَاءَ صَدَقَتَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهَا وَقُبِضَتْ مِنْهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ عِنْدَهُ خَمْسٌ مَنْ الْإِبِلِ فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ الْحُلُولِ بِيَوْمٍ هَلَكَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ نَتَجَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ مِنْ يَوْمِهَا فَحَال الْحَوْلُ وَهِيَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ بِاَلَّتِي نَتَجَتْ؟
فَقَالَ: فِيهَا شَاةٌ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ الْإِبِلُ لِرَجُلٍ بِبَعْضِ الْبُلْدَانِ وَهِيَ شَنَقٌ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: مَا الشَّنَقُ؟
فَقَالَ: هِيَ الْإِبِلُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ فَرِيضَةَ الْإِبِلِ مِثْلَ الْخَمْسَةِ وَالْعَشَرَةِ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْعِشْرِينَ.
قَالَ: فَيَأْتِيهِ السَّاعِي فَيَجِدُ عِنْدَهُ ضَأْنًا وَمَعْزًا أَوْ يَجِدُ عِنْدَهُ ضَأْنًا وَلَا يَجِدُ عِنْدَهُ مَعْزًا، أَوْ يَجِدُ عِنْدَهُ مَعْزًا وَلَا يَجِدُ عِنْدَهُ ضَأْنًا؟
فَقَالَ: يَنْظُرُ الْمُصَدِّقُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ إنَّمَا أَمْوَالُهُمْ الضَّأْنُ وَهِيَ جُلُّ أَغْنَامِهِمْ وَمَا يَكْسِبُونَ كَانَتْ عَلَيْهِمْ الضَّأْنُ فِيمَا وَجَبَ فِي الْإِبِلِ يَأْتُونَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَاحِبُ الْإِبِلِ إلَّا مَعْزًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالضَّأْنِ.
قَالَ: وَإِذَا كَانَتْ، أَمْوَالُهُمْ الْمِعْزَى وَوَجَدَ الْمُصَدِّقُ عِنْدَ صَاحِبِ الْإِبِلِ ضَأْنًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الضَّأْنِ إلَّا الْمِعْزَى وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الضَّأْنِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ صَاحِبُ الضَّأْنِ فَيُعْطِيَهُ الضَّأْنَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمِعْزَى.
قَالَ: وَإِذَا بَلَغَتْ الْفَرِيضَةُ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْ الْإِبِلِ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ شَنَقًا.